الخميس 19 ديسمبر 2024

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

انت في الصفحة 16 من 48 صفحات

موقع أيام نيوز

إلى بعضهم البعض وأعينهم تفيض
بسؤال واحد فقط   وماذا بعد     وقعت أعينهم على رجل ملتحف ببطانية سوداء فى أحد الاركان على أرض العنبر فاقترب بلال منه بقلب مقبوض وكأنه يشعر لماذا هذا الجسد قد سجى هكذا وقبل أن يلمسه هتف أحد الرجال الآخرين من زملاء العنبر 
سيبوا ده مېت 
أصابتهم غصة فى حلوقهم وهم يتبادلون النظرات   أنحنى بلال لينظر فى وجهه فوجد ما كان يعتقده   شاب صغير فى السن له لحية صغيرة واضح عليه اثار الټعذيب بشدة أغمض بلال عينيه پألم وهو يقول 
إنا لله وإنا إليه راجعون 
غادر أربعة مسجونين سرائرهم واقتربوا منهم متسائلين 
أنتوا جايين فى ايه   مفيش مظاهرات الأيام دى  
قال الرجل الاخر 
بس حظكوا حلو والله أنكوا جايين فى الوقت ده   لو كنتوا جيتوا الصبح كنتوا حضرتوا حفلة الاستقبال
عقد فارس بين حاجبيه وقال 
حفلة استقبال أيه
قال الرجل 
حفلة الاستقبال دى يا سيدى بيستقبلوا بيها كل عربية ترحيلات بتوصل السچن بالكلاب البوليسية وانت وحظك    وبعد ما تنزل وانت بتجرى من الكلاب قبل ما تتعض يستقبلوك العساكر بالعصاية الكهربا والكرابيج ساعة ساعتين لحد ما كله يقع على الارض ويستسلم للضړب    بعدها بقى يوزعوهم على العنابر    دى بقى حفلة الاستقبال
أومأ بلال برأسه وهو يربط على كتفهم مطمئنا ونظر لهم نظرات مطمئنة أنهم قد عبروا تلك المرحلة بأمان فمن الواضح أن صديق فارس كان يعلم هذا أيضا لذلك أمر بترحيلهم فى هذا الوقت من الليل   شعر فارس بغصة فى قلبة وهو يرى بلاده لأول مرة بصورة حقيقية غير التى كان يراها فى الخارج    فى خارج ذلك العالم    عالم السجون والمعتقلات    أخذهم زملاء العنبر إلى أفرشتهم كل واحد منهم على سرير صغير عليه بطانية خشنة   
جلس عمرو على طرف فراشه مشدوها لما رأى فى تلك الأيام أولا فى أمن الدولة وثانيا هنا فى السچن    وقال پغضب وعصبية موجها كلامه لفارس 
وبعدين يا فارس هنفضل كده لحد أمتى حتى منعرفش تهمتنا ايه 
جلس أحد الرجال على السرير بجواره قائلا
لا لازم تهدى وطى صوتك اللى بيعلى صوته هنا بيتسحب على عنبر التأديب 
ألتفت عمرو إليه وحدق به قائلا 
ايه عنبر التأديب ده كمان
أبتسم الرجل وقال 
اه معلش كان المفروض أشرحلكم من الاول    النظام هنا     السچن متقسم كذا عنبر   عنبر التأديب وده متقسم زنازين صغيره مترين فى مترين وده بيبقى أنفرادى   
وعنبر الجنائى ودول بقى تجار المخډرات وقتالين القټله وغيرهم وعنبر التخابر وده بقى مخصص للجواسيس وده بقى أنضف عنبر هو وعنبر القضاة وافراد الشرطة اللى بيجى هنا متهم فى قضية رشوة ولا فساد والمعاملة فيهم معاملة خمس نجوم    
وهنا بقى العنبر السياسى وده كل اللى بيقول رايه فى البلد دى ومعظمه مشايخ زى ما أنت شايف   أبتسم بلال وهو يومىء برأسه 
وقال 
ونسيت عنبر الاخوان 
ضحك الرجل بصوت خفيض وقال ل بلال 
اظاهر انك جيت هنا قبل كده يا شيخ
قال بلال بجمود 
جيت مرة واحدة بس عرفت كتير
كتم عمرو غضبه وقال 
برضه محدش جاوبنى هنفضل كتير ومن غير ما نعرف تهمتنا ايه 
ربت الرجل على كتفه قائلا 
طالما محدش حقق معاكوا يبقى مفيش تهمة وبما أنكوا جايين دلوقتى يبقى انتوا مش معتقلين رسمي
قال فارس بإقتضاب 
يعنى أيه مش رسمي
تكفل بلال بالرد عليه قائلا 
يعنى زي ما صاحبك قالك    متوصى علينا 
أقترب عمرو من فراش بلال وجلس على طرفه قائلا 
مين اللى هيوصى علينا يتعمل فينا كده مين 
قال بلال وهو ينظر أمامه بشرود 
مش عارف يا عمرو بس الموضوع ده شكله هيطول ولازم نحاول نهدى علشان نعرف نفكر  
قال كلمته الأخيرة ثم نهض قائلا
تعالوا نصلى على الأخ اللى ماټ ده 
قال الرجل الذى يحدثهم 
هيجوا يخدوا جثته الفجر مع انهم عارفين ان فى واحد مېت هنا من بعد العشاء
ميرسى يا فندم   
نطقت دنيا بهذه العبارة وهى تتناول الشيك من والد هانى المتهم فى قضية القټل
وبرقت عينيها وهى تنظر للمبلغ المدون فيه وقالت بابتسامة 
حضرتك أطمن خالص أبنك هيبقى فى حضنك قريب جدا
قال الرجل بلهفة 
يارب يا أستاذة ربنا يسمع منك    
ثم قال بتساؤل 
هو الدكتور فارس مجاش النهاردة ولا ايه 
قالت بتمساك
الدكتور فارس مش بيجى كل يوم   ولما بيكون مش موجود انا ببقى مكانة
أومأ الرجل برأسه متفهما وقال 
المهم عندى أنه هو اللى يشتغل القضية بنفسه 
رفعت حاجبيها بدهشة مصطنعة وهى تقول 
طبعا يا فندم القضايا اللى زى دى الدكتور فارس هو اللى بيكتب فيها المذكرات وهو اللى بيترافع   واحنا بس بنعمل الشغل الارى والمالى بتاعها علشان كده طلبت من حضرتك تكتب الشيك بأسمى يعنى حضرتك هتشوفوا فى المحكمة ان شاء الله   
بعد قليل أنصرف الرجل ودخل خلفه وائل مسرعا وقال بعينين لامعتين 
أداكى الشيك
ابتسمت بثقة وهى ترفع الشيك أمام عينيه ثم وضعته فى حقيبتها قائلة بقلق 
أهى الفلوس بقت معانا والراجل جاب الاتعاب كلها مش نصها زى ما كنا فاكرين عاوز ابنه بأى طريقة   يارب بقى باسم يخلصنا من القضية دى بسرعة بقى انا قلقانة أوى 
قال وائل مشجعا 
متقلقيش يا أستاذة   أنت قدها وقدود والأستاذ باسم خلاص ظبط الناس مش ناقص غير الفلوس علشان ينفذوا
ربتت على حقيبتها وهى تقول 
وأهى الفلوس    يلا بقى كلمه وخليه يخلصنا 
تحدث وائل هاتفيا مع باسم وأخبره أن المال قد أصبح بحوزت دنيا    مد وائل يده بالهاتف إلى دنيا قائلا
الأستاذ عاوز يكلمك
تناولت الهاتف وقالت بتعالى 
أيوا
ابتسم باسم عندما لاحظ نبرة صوتها المتعالية وقال بسخرية 
طب حتى استنى لما تصرفى الشيك وبعدين ابقى اتغرى براحتك
مطت شفتيها بضيق وقالت 
خير يا أستاذ باسم 
بكرة هنروح نصرف الشيك سوا ونطلع على طول على سكرتير النيابة نكيشه ونخلص معاه وبعدين نقعد مع بعض ونقسم الاتعاب علينا زى ما اتفقنا ماشى   
قالت بإقتضاب 
بس هنقعد فى مكان عام مش عندك فى المكتب
أطلق ضحكة عالية أشعرتها بالاشمئزاز وقال بخبث 
أيه موحشتكيش ولا ايه 
أتسعت عينيها وشعرت أنها ستتقيأ عندما ذكرها بما حدث سابقا   أغلقت الهاتف فى وجهه وهى تتمتم 
حيوان 
وقف صلاح ينظر إلى إلهام التى كانت تتحدث فى الهاتف بلهفة وهى تقول لمحدثها 
طبعا يا باشا من رجالتنا ومينفعش نسيبه كده    دى حتى تبقى وحشه فى حقنا وبعدين اللى موصى عليه ده مش أكبر من معاليك 
صمتت بعض الوقت تستمع إليه ثم قالت بثقة 
يافندم أرهاب أيه   بقول لمعاليك من رجالتنا
صمتت قليلا ثم قالت وهى تنقر على سطح مكتبها بأطراف أصابعها بعصبية 
ماشى يا فندم اللى تشوفه    ساعتك المهم
بس ميطولش كتير  
أغلقت الهاتف وزادت عصبية نقرها على المكتب فقال صلاح متلهفا
ها يابشمهندسة ايه الاخبار
ضړبت المكتب بقبضتها وهى تقول بضيق 
لو كان لوحده كان طلعه بسهولة   المشكلة فى الاتنين اللى معاه   علشان كده بيقولى الموضوع هياخد وقت 
قال صلاح بحزن 
يعنى الولد المسكين ده هيفضل مرمى كده من غير ذنب 
قالت بعصبية 
مش قادره اعمل اكتر من كده يا صلاح   أنا وصلت لأعلى المستويات كل اللى وعدونى بيه أن محدش هيقربله وهيفضل هناك معزز مكرم لحد ما يطلع   
خبطت سطح مكتبها مرة أخرى حتى آلمتها قبضتها ففركتها بغيظ وضيق وهى
تقول 
لو كان لوحده كنت عرفت اطلعه النهاردة   المشكله فى الاتنين اللى مربين
15  16  17 

انت في الصفحة 16 من 48 صفحات