رواية عهود محطمة مكتملة بقلم الكاتبة ديانا ماريا
عادت لتجد أمير قد عاد من جامعته ثم بعد ساعة عاد مروان من عمله واستعدوا جميعا للذهاب.
قبل أن يغادروا المنزل نظرت سلمى بتأثر إلى ابنها الأكبر، لقد أصبح شابا وعلى وشك أن يصبح عريسا.
انطلقوا وقد استقبلتهم عائلة الفتاة بترحاب، مرت المقابلة عادية حين سأل والد الفتاة عن والد مروان فتحججت سلمى محرجة بأنه مريض ولا يستطيع أن يحضر وقد أخبرتهم بصراحة أنهم منفصلين منذ زمان لأسباب شخصية
انتهت المقابلة على خير وقد عادوا لمنزلهم بإنتظار الرد، مر يومين دون خبر وكانت سلمى تهدأ مروان المتوتر بأن ذلك مؤشر جيد وهذا يعني أنهم يفكرون بجدية.
حينما انتهت من إعداد الغداء أتصلت على ولديها حتى يعودوا ولكن لم يرد مروان بينما عاد أمير.
جلسوا ينتظرون حين فرغ صبر أمير وبدأ يأكل.
سلمى بتوبيخ: مش كدة استنى أخوك ونأكل سوا.
نظر لها أمير بملل: ماهو أتأخر أهو نأكل إحنا ولما يجي يأكل أهو وبصراحة أنا جعان أوي.
تنهدت سلمى بقلق: أنا خايفة أخوك مش بيرد.
أمير بنبرة عادية: هتلاقيه مشغول يا ماما عادي
نظر لها بخبث وقال: صحيح دكتور ناصف قابلني وأنا طالع من الكلية.
قالت سلمى بعدم اهتمام: ايوا وبعدين ؟
أبتسم بمكر وهو يأكل: ولا حاجة اطمن عليا طبعا بس كلنا عارفين هو قصده مين يعني.حدقت إليه سلمى بحيرة: مين
ضحك أمير: يعني مش عارفة يا لولو؟
نظرت له سلمى بحدة وقالت بصرامة: ولد! عيب كدة وبعدين ده أستاذ محترم متقولش كدة.
أمير: وأنا قولت إيه مش محترم، مش فاكرة يا ماما لما أتقدم لك قبل كدة بعد ما شافك وحضرتك بتقدمي معايا للكلية من سنتين وحضرتك رفضتِ وهو ياعيني مستني من ساعتها.
أحمر وجه سلمى وقالت بإحراج: عيب كدة يا أمير وبعدين حتى لو رفضت ده رجل محترم وبعدين جواز إيه أنا كبرت وخلاص قربت أبقى تيتة.
ضحك أمير وهو ينظر لها ويلاعب حاجبيه: كبرتِ مين بس ده أنتِ تقولي للقمر قوم وأنا أقعد مكانه يا لولو، دول بيفكروكِ خطيبتي لما نمشي مع بعض في الشارع، إحنا اللي كبرنا وأنتِ اللي تدلعي يا عسل.ضحكت سلمى رغما عنها من مزاح أبنها ولكن صمتوا فجأة حين دلف مروان للمنزل وقد أغلق الباب بشدة أفزعتهم.
وقف أمامهم وكان وجهه غاضب للغاية.
قالت سلمى بقلق: مالك يا مروان؟ حصل حاجة؟
نظر لها مروان بغضب وقد أطلت المرارة من عيونه وصاح بحنق وقهر: والد رغد كملني النهاردة ورفضني!
رفضني بسببك يا ماما لأنه عرف اللي عملتيه في بابا زمان! كل ده بسببك يا ماما
حدقت إليه سلمى بصد@مة: أنا يا مروان ؟
قال مروان بحدة وهو يضرب الطاولة بيديه: أيوا أنتِ وبسببك أنا اتعايرت النهاردة، لما راح يسأل عليا عرف إزاي رفعتِ قضية خلع على بابا واتسجن وكمان لما عرف أنه بابا اتجوز عليكِ خاف، خاف لاعمل زيه واتجوز على بنته فرفضني!
وقف أمير وهو يقول لمروان بغضب: أنت اتجننت يا مروان! خد بالك من كلامك واللي بتقوله، ماما ذنبها إيه في كل ده!
نظر له مروان وصاح بحنق: ذنبها أنها سجنت بابا وخلت سمعتنا في الأرض!
صاح به أمير بشدة: أخرس! قطع لسانك أمك طول عمرها سمعتها وسمعتنا في العالي وعمرها ما تعمل اللي يأذي سمعتنا أبدا، هى اللي مخلية سمعتنا أحسن سُمعة بين الناس.
نظر لها مروان وقال بتهكم: ما تقولي له يا ماما ماهو ميعرفش حاجة قولي له!قال أمير بنبرة جدية يكتنفها القوة: مش محتاج أعرف حاجة أصلا، هعرف عن مين؟ عن أمي اللي ربتنا وكبرتنا وخلتنا رجالة واللي بتقول عليه أبوك عمره ما كان في حياتنا أصلا
تقدم إليه أمير وتابع وهو يتحدث من بين أسنانه: اللي بتقول عليه أبوك ده عمره ما كان أب بالنسبة ليا، أنا مشوفتوش غير تلت أو أربع مرات في حياتي كلها، ده غريب وحتى الغريب أقرب لي منه!
قال مروان بإعتراض: بس أنت اللي مش بترضى تيجي معايا أصلا تشوفه.
أردف أمير بسخرية شديدة: اه صح دي بقت غلطتي أنا دلوقتي، مش هو مثلا اللي طول حياتي محاولش يشوفني أصلا من وأنا صغير؟ كان فين طول حياتي؟ لما كبرت وروحت الحضانة مكنش موجود ولا حتى هو اللي دفع مصاريف الحضانة وأنا فاكر كويس لما ماما بعتت وراه على فلوس الحضانة لأنه دي مصاريفنا وهو اتهرب منها ومن فلوس المدرسة ومن الكتب والدروس وكل حاجة!
تنفس بقوة وهو يكمل بحدة وينظر لعيون مروان مباشرة: كان فين الأب ده في حياتي؟ مكنش موجود في أي وقت في حياتي حلو ولا وحش! كان فين في حفلة تخرجي من الثانوية العامة ؟ كان فين وماما جاية معايا علشان نقدم للكلية ومرضيتش تخليني أروح لوحدي أبدا، ولا أقولك كان فين لما الزايدة انفجرت في معدتي من خمس سنين وكنت في المستشفى بين الحياة والمoت؟
قعدت ٥ أيام في المستشفى ومهنش عليه يجب يشوفني ولا كأني إبنه! ولما حب يعمل نفسه أب بيطمن كلم حال ماما يسألها لما خرجت من المستشفى!
أمسك أمير مروان من باقة قميصه بقبضتيه بقوة: يلا رد عليا كان فين طول حياتي علشان أنا أعتبره أبويا!
ركضت سلمى وهى تحاول أن تفصل بينهما وتقول بذعر: ابعدوا عن بعض يا ولاد، أمير هتمد إيدك على أخوك الكبير يا أمير ؟
نظر له أمير وقال بجمود: أخويا الكبير لما يتخطى حدوده يبقى لازم حد يعرفه حدوده فين، مبقاش أخويا الكبير من ساعة ما قل أحترامه ليكِ يا ماما.
قال مروان بقسوة: أنا أخوك الكبير غصب عنك وماما كانت السبب أني أخسر البنت اللي بحبها.
نظرت سلمى لمروان بمزيج من الحزن والحسرة: هو حر يا بني، دماغه جابته لكدة مع أنه أكتر حد عارف
أبتعد مروان وهو يقول بحنق: اللي أعرفه أنك سجنتِ بابا لأنه اتجوز عليكِ يا ماما
نظرت سلمى بذهول ثم قالت بحرقة: ده اللي تعرفه يا مروان ؟ بعد كل السنين دي وده كل اللي تعرفه
اهتزت سلمى فأمسكها أمير بخوف أما مروان نظر لها بقلق ولكنها أبعدت أمير وهى تنظر لمروان لعيون دامعة.
قالت بنبرة مرتجفة وقد استعادت الذكريات التي مرت عليها سنوات وقد ظنت أنها تحررت منها للأبد: يمكن مش فاكر يا مروان لكن أنا هفكرك وأقولك اللي أنت مش عارفه، أبوك يا مروان بعد جوازنا بفترة خاني وأنا سامحته لأني كنت بحبه وكنت بردو عايزة أحافظ على جوازي لحد ما اكتشفت أنه خاني مرة تانية، ساعتها مقدرتش استحمل ولا حسيت إني اقدر أكمل كدة معاه ولما طلبت الطلاق وقف قصادي وقالي مش هتقدري تطلقي مني، حتى أمي غصبت عليا أرجع لأنه الطلاق فضيحة للست بالنسبة لها وخصوصا لما عرفت أنه حامل في أمير.
أخذت نفسا مرتجفا وتابعت: ولما رجعت حاولت أعيش علشانك أنت بس وعلشان أمير لما يجي بس هو مسابنيش في حالي، راح اتجوز عليا وجابها تعيش معايا علشان تقهرني، ولما أخيرا بدأت أشتغل سرق فلوسي هو وهى وكل ده مكنش كفاية.
نظرت لمروان: أنا رفعت قضية على أبوك لما ضر.بني وكان هيسقطني وسابني هو وهى أنزف والله أعلم كان مصيري إيه لولا ربنا وخالي وبنته جم ولحقوني والحمدلله.
نظرت لأمير وهى تمسح على وجهه بتأثر وكأنها لا تتخيل أنها كانت ستخسره: الحمد لله الحمل فضل وجه أخوك أمير.
عادت تنظر لمروان: أنا رفعت قضية على أبوك ومراته بسبب الضر.ب وأنت أكيد فاكر حاجات من دي يا مروان، تصرفات أبوك ناحيتي كانت واضحة أوي حتى قدامك مكنش بيخبي، وأنا حاولت أبدا حياة جديدة معاكم واعيش وقررت مش هتجوز هعتبر نفسي أرملة وخلاص وكنت مبسوطة، حتى لما خرج ممنعتش حد فيكم يروح له لأنه أبوكم بغض النظر عن اللي بيننا.
هزت رأسها بحيرة وهى تبكي: أنا مش عارفة أقولك إيه يا بني، أقولك أنا كنت غلط لأني سجنته بس أنا كنت خائفة منه لأنه حتى مندمش على اللي عمله ولا أقولك كنت صح وأنت مش فاهم ولا أقولك حقك عليا بس مكنش في أيدي حل تاني هو مكنش هامه حد خالص
صمتت وهى تبكي أخيرا قهرها وحسرتها فنظر أمير لمروان بإحتقار: سمعت؟ أظن كدة كفاية عليك، الرجل اللي بتتكلم عليه ده ميستاهلش يتقال عليه أب أصلا ولا يستاهل يكون زوج لواحدة زي ماما اللي اهتمت بيك يا مروان وبيا كمان، ده أنا لما روحت عنده معاك مرة مكنش عنده أي إهتمام بينا وسايب مراته اللي اتجوزها دي تبهدل فينا ولو جه كلمنا كان علشان يقول كلام مش كويس على ماما
تابع النظر له بإحتقار وقال بإشمئزاز: ولو هو يهمك أوي كدة يبقى تسيبنا وتروح له لأنه أنت كمان