الجمعة 20 ديسمبر 2024

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

انت في الصفحة 22 من 48 صفحات

موقع أيام نيوز

  حسن الأخذ    سكن البعد    مودة القرب     فإن لم تجد فيه غير الشقاء فاعلم أنه ألم متنكر    أنزع عنه قناع الحب واتركه وارحل    بلا أسف    
أمضاء
الفارس الصغير
عانق كل منهما والدته فى لهفة وشوق كبيرين وقبلا رأسيهما وأيديهما بدموع العيون   كانت كل منهما تنظر إلى ولدها غير مصدقة أن الله سبحانه وتعالى قد مد فى عمرها حتى رأت ولدها حى يرزق من جديد    كان العناق بالقلب والعيون أكبر شوقا من عناق الأجساد    جلسوا بجوار بعضهما البعض غير مصدقين هذه اللحظة التى جاءتهم منحة من الله عزوجل فى عز أزمتهم المظلمة بين جدران السجون     صافح الدكتور حمدى بلال وهو ينظر إليه بإعجاب شديد بينما ربت على كتف فارس مشجعا وهو يقول بتاثر 
أنا عارف انك راجل يا فارس وهتتحمل الأزمة اللى بتمر بيها وهتخرج ان شاء الله انت وصاحبك قريب أوى
أومأ فارس برأسه ممتنا وهو يقول 
متشكر أوى يا دكتور على اللى عملته معانا
ربت حمدى على يديه وهو يشد عليها قائلا
هو انا لسه عملت حاجة يا راجل    أجل الكلام ده لما تطلعوا ان شاء الله من هنا
مال بلال على والدته قائلا 
عبير والولاد عاملين أيه يا ماما     كويسين 
عانقت يدها يده وهى تقول بإشفاق 
كويسين يابنى وزى الفل متقلقش عليهم أبدا    وبيسلموا عليك أوى   وعبير بتقولك رسالتك وصلتها وانت كمان وحشتها أوى ومستنياك على ڼار
شرد قليلا وهو ينظر أمامه بوجوم قائلا 
وحشونى أوى 
ثم أعاد النظر إليها قائلا 
كلكوا وحشتونى أوى يا أمى
لمعت الدموع فى عينيها وهى تقول 
عبير كانت عاوزه تيجى معانا بس انا مرضتش أجيبها معايا علشان عارفة رأيك فى الحكاية دى كويس
قبل يدها وقال بحنان
كويس يا أمى انك عملتى كده   أنا محبش مراتى وولادى يجوا مكان زى ده ولا حد من اللى هنا عينه تقع عليها
نظر الدكتور حمدى لفارس وقال باهتمام
فى حد حقق معاكوا يا فارس
هز فارس رأسه نفيا وهو يقول 
لا يا دكتور مشوفتش أى محقق خالص من ساعة ما روحت أمن الدولة لحد دلوقتى   
ثم مال عليه قليلا وقال 
مفيش غير واحد صاحبى ربنا بعته لينا هناك وهو اللى جابنا هنا
نقل الدكتور حمدى بصره بين فارس ووالدته وقال موجها حديثه لفارس 
هو انت فى عداوة بينك وبين حد معين يا فارس
أعتدل فارس وهو يفكر بتركيز شديد ثم قال 
أنت عارف شغلنا يا دكتور ممكن يبقالك أعداء مش راضين عن طريقة شغلك لكن حتى لو فى عداوة معتقدش حد يفكر يبهدلنا بالشكل ده
نظر الدكتور حمدى لوالدته نظرة ذات معنى ثم قال 
غريبة
حاولت أم فارس تغير مجرى الحديث قائلة 
على فكرة   عمرو ومهرة بره وبيسلموا عليكوا أوى
نظر بلال إلى أم فارس قائلا 
أيه ده بجد وعمرو جاله قلب يرجع هنا تانى
نظر له فارس وابتسما سويا فى وقت واحد ولكن فارس تغيرت ملامحه وانتبه فجأة وهو يلتفت لوالدته متفاجأ وقال 
وأيه اللى جاب مهرة هنا يا ماما    إزاى تجيبيها معاكى يا ماما بس
تابع بلال الحديث باهتمام عندما قالت أم فارس 
والله يابنى أنا وعمرو غلبنا فيها واتحايلنا عليها كتير تستنى فى البيت    بس هى اللى كانت مصممة تيجى تشوفك وتطمن عليك   حتى لما عرفت أنها مش هينفع تدخل علشان مش من قرايبك برضة صممت تيجى وقالت هستناكوا بره   
ثم نظرت إليه نظرة ذات معنى وهى تقول 
حتى علاء معرفش يمنعها
ألتفت بلال
إلى فارس الذى ظهر الضيق على وجهه وهو يقول 
مكنش ينفع تيجى يا ماما   كان لازم انت اللى تمنعيها مش الواد اللى اسمه بتاع ده
أبتسمت والدته وهى تقول قاصدة 
اذا كانت مخافتش من تهديده بالطلاق وصممت تيجى معانا حتى لما طلقها ولا همها حاجة ونزلت وسابته واقف يرن
عقد فارس ما بين حاجبيه وهو ينظر فى عينيها التى كانت تحمل معانى كثييرة وقال ببطء 
طلقها      !!
نظرت إلى عينيه وهى تقول 
ايوا طلقها
ثم قالت مؤكدة 
كل ده علشان تجيلك
ألقى بلال نظرة سريعة على فارس ثم أعاد رأسه إلى والدته وأكمل حديثه الخاص معها تاركا فارس فى حيرته    أمسكت والدته يده بشكل تلقائى حتى لا يلاحظ أحد ووضعت الصورة المطوية فى راحت يده ثم همست له وهو ينظر ليده بدهشة 
وباعتالك الصورة دى
قبض فارس على الصورة المطوية داخل قبضته ثم تابع حديثه مع الدكتور حمدى بشكل طبيعى ولكن عقله كان يعمل فى أتجاه آخر    
أنتهت الزيارة وتفرق الأحرار فمنهم من خرج لعالمه ومنهم من عاد لجدران سجنه الكئيبة     جلس فارس على فراشه وأخرج الصورة من راحته وفتح طياتها بهدوء    نظر إلى الصورة وابتسم   كانت ملامحهما المشاكسة فى الصورة كفيلة بجلاء صدره من أى هم وحزن يعتمل به    طفلة وصبى يتشاكسان بطريقتهما الخاصة     أتسعت ابتسامته وهو يتأمل فى الصورة   جلس بلال بجواره وهو ينظر لابتسامته الواسعة التى احتلت شفتيه ثم مال عليه وقال بخفوت 
مش هتقرى الرسالة اللى ورا الصورة دى
قلب فارس الصورة على الجانب الأبيض منها ومرر عينيه بين سطور كلماتها وهو يتمتم هامسا بما خطت يدها الصغير    قرأها مرة ثانية وثالثة فى صمت ما إن تصل عينيه إلى آخر كلمة فيها حتى تعود إلى أولها من جديد محاولا فهم ما بين سطورها بصعوبة شديدة
وضع بلال يده على ذراع فارس وهو يقول بخفوت 
ها يا فارس
رفع رأسه إليه وقال بعينين حائرتين 
نعم !
أقترب بلال منه أكثر وقال هامسا
أنت قولتلى من كام يوم انك هتنفصل عن مراتك بس مقولتش أيه السبب ساعتها
حاول فارس استجماع شتات نفسه الحائرة وهو يقول
مشاكل يا بلال     مشاكل مالهاش دوا    ومش هينفع يبقى ليها حل غير الانفصال وعموما أحنا متفقين على كده من زمان وهى موافقة ومرحبة كمان    الموضوع منتهى خلاص
نظر بلال إلى عينيه بعمق وقال بجدية 
مهرة ليها علاقة بالمشاكل دى 
رفع فارس حاجبيه متعجبا من سؤاله وهو يقول 
وأيه علاقة مهرة بالموضوع ده
حرك بلال رأسه بلامبالاة وهو يقول 
يعنى ممكن تكون مراتك أصلا مضايقة من اهتمامك بمهرة واهتمام مهرة بيك
تبسم فارس ساخرا ثم قال 
لالا الموضوع مش كده خالص الحكاية أكبر من كده بكتير
ثم نفض رأسه وهو يقول بثقة 
وبعدين يعنى اهتمامى بمهرة شىء عادى   ده انا اللى مربيها وهى بتعتبرنى مثلها الأعلى فى الحياة
نظر إلى التوقيع وأشار إليه بأصبعه وهو يقول له 
شايف موقعة أيه تحت     الفارس الصغير
أبتسم بشرود وهو يقول بإعجاب 
طول عمرها بتحب تقلدنى من وهى عندها سنتين
وأردف ضاحكا وهو يكمل حديثه بشجن 
عارف يا بلال لما بقى عندها تلات سنين كانت بتشد التيشرت بتاعى من دولابى وتقعد تلبس فيه ساعة لحد ما تنجح تلبسه فى الآخر   ويبقى طويل عليها وتقعد تتكعبل بيه وهى ماشية   
وتبسم ضاحكا وهو يقول 
أصلها طول عمرها أوزعة     وبرضة مكنتش بتحرم أبدا   ترجع تاني تلبس قمصانى وهدومى
أبتسم بلال رغما عنه بتأثر وهو يخفى ضحكاته الخاڤتة ويستمع إلى نبع ذكرياته المتدفق قائلا
مفيش يوم كنت برجع فيه من بره إلا والاقيها واقفالى على السلم مستنية العسلية والحلويات بتاعتى
ألتفت إلى بلال وهو يقول مؤكدا
ولعلمك هى رغم حبها للحلويات والعسلية لكن عمرها مااخدتها من
21  22  23 

انت في الصفحة 22 من 48 صفحات