الخميس 19 ديسمبر 2024

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

انت في الصفحة 13 من 48 صفحات

موقع أيام نيوز

من الطفلان الآخران بسرعة ليدور حول المائدة وهم يدورون خلفه ويسقطون من فرط ضحكاتهم المجلجلة قبل أن ينجحوا فى الأمساك به أخيرا فيتكاثروا عليه ويتصنع هو السقوط فيتكالبون فوقه وهو ېصرخ بمرح مستنجدا بها أن تنقذه من بين براثنهم  
فرت دمعة من عينيها واعتصر قلبها من الألم   دخلت دنيا شارعهم وهى ترتدى نظارة سوداء تخفى بها عينيها وجزء كبير من وجهها ومرت بين نظرات الناس حولها المشفقة عليها ومما حدث لزوجها فجرا    صعدت الدرج فى اضطراب وهى ترى الرجال مجتمعين أعلى الدرج أمام شقة زوجها   تنحوا جانبا عندما رأوها وهم يقولون 
قلبنا معاكى يا بنتى
عبرت من بينهم ودخلت الشقة لترى هذا الجمع الغفير من النساء وترى مهرة بين ذراعى أم فارس وعيناها تكاد تختفى من كثرة البكاء ودموعها التى لا تجف   كان الوضع أشبه بمأتم أجتمعت فيه النساء فقالت فى تلعثم 
خير فى ايه يا طنط ايه اللى حصل
نظر لها الجميع بإشفاق حتى مهرة نظرت لها برحمة وشفقة وهى تتوقع رد الفعل بعد علمها بما حدث   وقفت أم فارس واقتربت منها وهى تبكى وقالت 
فارس خدوه يا دنيا   دخلوا علينا قبل الفجر وخدوه من وسطينا 
قالت باضطراب وهى متوترة 
هما مين دول
نظر لها الجميع بدهشة كبيرة فرد فعلها لا يتواكب مع ما تسمع من والدته بينما قالت أم فارس 
بيقولوا أمن الدولة يابنتى   ومش هو وبس لا كمان خدوا عمرو وبلال معاه 
كان لابد
أن تظهر بعض رد الفعل وإلا شك بها الجميع فتصنعت البكاء ولكنها لم تخلع عنها نظارتها السوداء حتى لا يعلم الجميع بخداعها   أستندت إلى الحائط وأخذت تشهق بقوة وهى تضع يدها على فمها   ربتت أم فارس على كتفيها وهى تقول 
امسكى نفسك يابنتى ده انت اللى المفروض تقوليلنا نعمل ايه أحنا مش لاقينه فى أى حته
تماسكت دنيا سريعا وتناولت منديلا لتجفف دموعها التى لم تنزل أصلا وهى تقول 
معاكى حق يا طنط   أنا هدور عليه فى كل حته لحد ما الاقيه عن أذنكم
وخرجت سريعا وهى تشعر أن بكائهم قد أصبح لعڼة تطاردها أينما ذهبت    نظرت النساء إلى بعضها البعض متعجبة من رد فعلها ولكن عادوا إلى ما كانوا عليه منذ قليل   كل يبكى على ليلاه !
عادت دنيا إلى بيت والدتها وأول ما فعلت أجرت اتصالا هاتفيا بباسم الذى أجابها بسأم شديد 
أيوا يا دنيا خير 
قالت فى سرعة 
عاوزه اطمن عليه    وأطمن أمه
زفر فى ضيق وقال حانقا 
هو طلع رحلة يا دنيا وعاوزة تطمنى عليه   أنت عارفة كويس هو فين ولا ناسية
هتفت پغضب 
أمه ھتموت نفسها عليه حرام عليك
صاح غاضبا 
هتعمليلى فيها حنينة ياختى ولا أيه   ولا تكونى ناسية انك انت اللى بلغتى عنه يا ام قلب حنين
تحشرج صوتها وقالت پبكاء 
عارفة انى أنا اللى أتزفت وبلغت   بس عاوزه اطمن امه    أنت وعدتنى محدش هيأذيه
رفع حاجبيه مندهشا من كلامها الذى هو عكس تصرفاتها تماما وقال ساخرا
والله انت لغز يا دنيا   طب لما انت قلبك عليه كده وافقتى ليه من الأول
هتفت باكية 
علشان هو اللى اضطرنى لكده بغباءه ومثاليته الزايدة   فاكر نفسه عايش فى الجنة 
صمت باسم قليلا ثم قال بهدوء حاسم 
بصى يا دنيا   أنا هتكلم فى الموضوع ده لآخر مرة علشان زهقت منه ومش عاوز ۏجع دماغ تانى   فارس هيفضل فى المعټقل لحد ما القضية تتقفل وتخلص خالص    يعنى أربع خمس شهور بالكتير   وصلى الكلام ده لأهله بطريقتك المهم متوجعليش دماغى تانى   فاهمة
أبتلعت ريقها بصعوبة وهى تحاول تنظيم أنفاسها وهى تمسح دموعها بتوتر وقالت 
طب وهنعمل أيه فى القضية 
رفع حاجبية متهكما وقال 
أيوا هو ده المهم دلوقتى   كده انت دنيا اللى انا اعرفها    ركزى معايا كده وفتحى مخك   
أستمعت إليه باهتمام وتركيز وهو يقول 
أولا مفيش مخلوق فى المكتب عندكوا هيعرف بحكاية الاعتقال دى   ولا حتى الدكتور حمدى وكويس أن نورا أجازة علشان هى اللى هتعمل قلق ومكنتش هتسكت   دلوقتى انت المسؤلة عن كل حاجة فى المكتب   وده فى صالحنا   علشان كده عاوزك أول حاجة تعمليها أول ما تروحى المكتب النهاردة تكلمى الراجل صاحب القضية وتبلغيه ان فارس طالب الأتعاب وبعد ما توصلك الفلوس هقولك الخطوة اللى بعدها
قالت معترضة 
لاء لازم أعرف كل حاجة دلوقتى
زفر بقوة ثم قال بملل 
هقولك   أنا خلاص وصلت لسكرتير النيابة اللى هيسحبلنا الورق المطلوب من ملف القضية قبل ما تروح على المحكمة   وهتفاوض معاه النهاردة على المبلغ اللى هياخده    ومش كده وبس   أنا كمان وصلت لشهود الأثبات وبرضة هتفاوض معاهم على المبلغ    
والفلوس اللى هتاخديها من الراجل فى اقرب وقت هنكيشهم منها    وكده لا هيبقى فيه دليل ولا شهود والحاډثة هتبقى قضاء وقدر  ومش مقصودة والواد يطلع من عقۏبة القټل العمد وبعد كده ممكن نفاوض أهل القتيلة لما يبقوا فى موقف الضعيف وممكن ساعتها يتنازلوا بقرشين وتبقى القضية بخ   فهمتى
قالت بشك 
طب ماهو محامى البنت اللى ماټت ممكن يقدم فى المحكمة صورة من الورقة اللى هتتاخد دى وساعتها يتهمونا بالتزوير
قال بثقة مخلوطة بالسخرية 
وانت يعنى فاكرة أن حكاية زى دى تعدى عليا   المحامى بتاعهم أطلع على القضية بس ومصورش منها نسخة يعنى مفيش فى أيده ورق ضد يتكلم بيه  فهمتى يا فالحة
أعتدل فى جلسته ولمعت عينيه بخبث وهو يقول 
ومذكرة المرافعة انا اللى هكتبهالك وهتحفظيها زى ما هى كده علشان تجلجلى بيها فى المحكمة ولما الحكم يتغير شوفى بقى ساعتها أسمك هيلمع ازاى   
لمعت الفكرة فى رأسها فلقد عرف باسم كيف يقضى على النبضة الأخيرة من نبضات ضميرها    تخيلت حكم البراءة وكيف سيلع أسمها بعد ذلك فى سماء المحاماة لتتهافت عليها القضايا كما حدث مع فارس ويقصدها الناس ولكنها لن تفعل مثله لن تعيش بمثاليته التى دمرته وستدمره سيكون الحكم الوحيد فى قبول أى قضية هو الأتعاب فقط ليس إلا   
وستخطو فى نفس طريق باسم فى حل القضايا الشائكة     وضعت الهاتف بجانبها وقد نسيت تماما أمر فارس ولم تعد تذكر إلا مستقبلها فقط   والذى ستجنيه من خلفه
حل المساء على النساء وحالهن هو البكاء    لا يزلن مجتمعين فى بيت أم فارس ما بين متضرعة وباكية ومڼهارة   مصابهن واحد يتلمسن أى خبر ولو غير مؤكد أى شىء يطمئنهن على الأزواج والأحبة ورفقاء الدرب ولكن لاشىء   كأنهم اختفوا وذهبوا جميعا   خلف قرص الشمس   ولم يعثروا على أجابة شافية من أى جهة   الأجابة الوحيدة التى وجدوها كانت عن طريق دنيا بعد أن أبلغتهم بها فى الهاتف وقالت 
عرفت أنهم فى المعټقل   بس لسه مش قادرة أحدد مكانهم بالظبط ولا حتى قدرت أعرف تهمتهم أيه   
ثم أردفت وكأن أمرهم لا يعنيها 
انا هفضل بقى فى بيت ماما لحد ما نعرف طريقهم هناك بتحرك أسرع   سلام
وقبل منتصف الليل بقليل نهضت أم عبير وهى تمسك بيد أم بلال قائلة 
يالا يا حجة أحنا هنروح تعالى معانا 
قالت أم بلال وقد بلغ منها التعب والحزن مبلغهم 
مينفعش يا أم عبير أنا هروح البيت
قالت أم عبير بتصميم
لاء هتروحى لوحدك فى الپهدلة اللى حصلت دى أزاى  
12  13  14 

انت في الصفحة 13 من 48 صفحات