الأربعاء 18 ديسمبر 2024

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

الجزء الثالث والأخير رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن

انت في الصفحة 10 من 48 صفحات

موقع أيام نيوز

أشفقت عليها من المجهود اليومى التى تقوم به وحدها وبحركة تلقائية تناولت ملعقة خشبية كبيرة ووقفت تقلب الأرز مساعدة لها ثم قال 
فى حاجة يا طنط عاوزه اسألك عليها بس خاېفة تقلقى
ألتفتت إليها أم فارس باهتمام وقالت 
خير يا بنتى فى أيه
ظهرعلى وجهها الأضطراب والتوتر وهى تقول 
بقالى كام يوم بحلم بكوابيس تخص الدكتور فارس وبقوم من النوم مڤزوعة
عقدت أم فارس بين حاجبيها وهى تضيف صلصة الطماطم إلى الإناء وقد تسرب القلق لقلبها وقالت 
بتشوفى أيه فى الكوابيس دى
أضافت مهرة مرقة اللحم إلى الإرز وقلبته مرة أخرى ثم وضعت غطاءه جيدا والتفتت إليها قائلة 
مش هينفع أحكيه يا طنط علشان مرة   مرة الدكتور فارس قالى أن اللى يحلم بحلم وحش ميحكيهوش لحد خالص ويستعيذ بالله وهو مش هيضره
قالت كلمتها وتوجهت للمكان المخصص للأكواب بحثت بعينيها قليلا وما لبثت أن وجدت ضالتها   كوبها المخصص منذ زمن طويل لا يشرب منه أحد غيرها لونه مميز وعليه رسومات كرتونية كثيرة مختلفة أبتسمت وهى تتناوله وقالت 
مكنتش متخيلة انى هلاقيه
أطلت نظرات الإشفاق فى عينيى أم فارس وقالت بحنان 
حاجاتك اللى هنا فى الحفظ والصون مهما غبتى هترجعى تلاقيها
لمعت عينيى مهرة بدمعة قاتلت لإخفائها وهى تتجه للثلاجة ووضعت فى الكوب بعض المياه الباردة وما أن انتهت حتى قالت لها أم فارس 
كنت عاوزه تسألينى على أيه يا مهرة
وضعت مهرة الكوب على رخامة المطبخ أمامها وقالت 
الكوابيس دى مش مريحانى يا طنط    هو الدكتور فارس عنده مشكلة ولا حاجة 
توترت وهى تردف 
انا والله مش بدخل فى خصوصياته   بس انا بخاف من أحلامى دايما وبصدقها علشان كده بسأل
هزت أم فارس رأسها نفيا وهى تقول مطمئنة 
محكاش ليا حاجة خالص لو فى مشكلة كان أكيد حكالى   أطمنى
قالت مهرة وهى تومىء برأسها قلقة 
يارب يكون كده فعلا    معلش يا طنط عطلتك   أمشى انا بقى علشان عندى مذاكره كتير
كادت أن تخرج من المطبخ الا أن أم فارس تذكرت أنها لم تسألها عن أحوالها مع زوجها وخصيصا بعد المشادة التى حدثت بينه وبين فارس فوضعت يدها على كتفها من الخلف وهى تقول 
أستنى صحيح   عاملة أيه مع جوزك يا بنتى ياترى لسه زعلان ولا خلاص
شعرت مهرة بالحنق لمجرد ذكر أسمه وقالت بضيق 
تفتكرى يا طنط أنا ممكن أفكر فى زعله بعد ما كان هيمد أيده عليا بعد أسبوع واحد من كتب كتابنا
عندما وصلت لهذه النقطة سمعت المفتاح يدور فى الباب ويفتح لتفاجأ بفارس يدخل ويغلق الباب خلفه وقد بدا عليه الإرهاق والهم الشديد بعد جلسته مع هانى منذ قليل   ألتفت بتلقائية لينادى والدته فوجدها تهم بالخروج من المطبخ وقد احمرت وجنتاها خجلا للقاءه فى بيته نسى همه وأرهاقه وهو مازال واقفا مكانه خلف الباب المغلق وتسللت النشوة إلى قلبه تناولت حقيبتها بجوار الباب بارتباك شديد ووقفت تقول بخفوت 
أزيك يا دكتور
لم يتنحى جانبا لتخرج إنما ظل واقفا مكانه    لا يعلم لماذا
تسمرت قدماه وأبت أن تتحرك وقد ارتسمت النشوة والبهجة على ملامحة وقال 
أزيك انت يا مهرة    عاملة أيه
تحشرج صوتها وهى تتمتم 
الحمد لله
كانت تتوقع أن يتحرك جانبا ولكنه لم يفعل   أقتربت منه والدته وربتت على ذراعه وكأنها توقظه من غفوته وقالت 
عديها يا فارس علشان متتأخرش على مامتها
ألتفت إلى والدته محدقا بها وكأنه لم يراها إلا الآن فقط أغمض عينيه وفتحهما ببطء ثم تنحى جانبا لتمر من أمامه وتحت ناظري قلبه الذى يقاتل ليزيل الغمامة التى تعصب عينيه فتحجب عنه الرؤية الصحيحة لحقيقة مشاعره خرجت وأغلقت الباب خلفها مسرعة وصعدت الدرج فرارا ولكن من منا يستطيع الفرار من قلبه  
تركته والدته وعادت للمطبخ ثانية لتتمم على الطعام فدخل خلفها ووقف مستندا بذراعيه على باب المطبخ قائلا 
مالها يا ماما فى حد ضايقها تانى
هزت رأسها نفيا وقالت 
لا مفيش دى كانت بتسلم عليا بس
وقع بصره على الكوب الموضوع فوق رخامة المطبخ فارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه    تقدم نحوه وأخذه ونظر إليه جيدا وهو يقول 
طول عمرها مبتحبش تشرب غير من الكوباية دى
نظرت له والدته بدهشة وهو يتوجه إلى الثلاجه ويصب فيه بعض الماء البارد ويشرب بشكل تلقائى ولكن بحماس شديد   وبتلذذ!
أنتهى ووضعها مكانها كما هى وخرج ليبدل ملابسه تحت ناظري والدته التى كانت تدعو الله بقلبها أن يرزقه راحة البال والقلب  
بمجرد أن جلسا حول مائدة الطعام قالت والدته 
أومال مراتك مجاتش ليه يابنى لحد دلوقتى
عقد بين حاجبيه بضيق وقال 
عاوزه تقعد فى بيت امها يومين
وكأنهما استدعاها حينما تحدثا عنها فلم يكد ينتهى من كلمته حتى سمع رنين هاتفه النقال أخذ الهاتف وأجابها فقالت على الفور
أيه يا فارس قافل تليفونك ليه
ظهرت الدهشة على وجهه وقال 
أنا مقفلتش التليفون النهاردة خالص
تصنعت الدهشة وهى تقول 
معقوله أومال كان بيدينى مغلق ليه
ثم استدركت وهى تقول 
أومال أنت كنت فين من ساعتين كده لما كان بيدينى مغلق
كنت مع المتهم بتاع قضية القټل
أدعت المرح وهى تقول 
شكلك كده وافقت على القضية
هز رأسه نفيا وهو يقول 
لاء رفضتها
قالت بتماسك 
بلغت والده بالرفض ولا لسه
لا لسه لما أروح المكتب بالليل هخلى السكرتارية تبلغه علشان يجى كمان ياخد الأوراق بتاعة القضية
شعرت بالوهن يدب فى أوصالها فهاهى ستضطر أن تلجأ إلى أكثر شخص تبغضه على وجه الأرض وسمعته ينهى المكالمة قائلا
طب معلش يا دنيا هقفل دلوقتى علشان ألحق أخلص غدا وأنزل
قالت بلهفة 
رايح المكتب بدرى كده
لالا أنا عندى ماتش كده مع الدكتور بلال وعمرو ويمكن اروح المكتب متأخر شوية   يلا سلام
أنهى مكالمته بينما قالت والدته باهتمام
ليه يا فارس هتسيبها تقعد لوحدها يابنى فى حاجة مزعلاها ولا ايه   طب شوف ايه اللى مزعلها    مينفعش تقعد لوحدها كده   دى دلوقتى بقت يتيمة يا فارس
نظر لها فارس وهو يشعر بالإشفاق تجاه والدته لطيبتها الزائدة حتى مع من يسيئون معاملتها وقال 
مفيش حاجة يا ماما   هى طلعت فى دماغها النهاردة الصبح أنها تروح هناك شوية وصممت    خلاص براحتها
نظرت له والدته بريبة ثم تذوقت الأرز وهى تتمتم بإعجاب 
والله شاطرة
رفع فارس رأسه ناظرا إليها بتسائل وقال 
مين دى اللى شاطرة
قالت والدته وهى تتناول طبقها 
ولا حاجة    مهرة أصلها نفسها حلو فى الرز
رفع حاجبيه وقال 
هى اللى عملته !
أومأت برأسها وهى تكمل طعامها دون أن تنظر إليه فقال 
فين طبق الرز بتاعى يا ست الكل
رفعت رأسها بدهشة وقالت 
أنت مش قلت بتحب السبانخ مع العيش
مط شفتيه قائلا
هجربها مع الرز
نظرت له والدته وهو يأكل الإرز بإعجاب شديد وكأنه لم يأكله من قبل فلاحت ابتسامة صغيرة على جانبى شفتيها رغما عنها وبعد أن انتها من طعامهما   أعد فارس الشاى كما يفعل دائما    وضع واحدة أمام والدته التى قالت 
أنت هتقابل عمرو والدكتور بلال النهاردة 
أرتشف رشفة منه وأومأ برأسه قائلا 
أيوا عندنا ماتش النهاردة بعد صلاة العصر على طول    يدوبك أخلص وأرجع أغير هدومى وانزل على المكتب
أنهى فارس أغتساله وبدل ملابسه وارتدى حلته الرياضية استعدادا لماتش الملاكمة
نظر باسم لرقم الدنيا الذى تتضىء به شاشة هاتفه النقال بانتصار وخبث فقد كان متأكدا من اتصالها ولجوئها إليه من أجل المال فلقد صدق
10  11 

انت في الصفحة 10 من 48 صفحات