رواية رائعة بقلم سارة المصري
رواية رائعة بقلم سارة المصري
يا بابا مش هنقابلها سوا
تصنع محمود عدم الاهتمام وقال شوفها انت بقا يا يوسف تابعه يوسف في دهشة وهو يخرج وقال على فين يا حاج الباب من هنا
ازدرد محمود ريقه قائلا بابتسامة لا ما انا هخرج من هنا عشان هعدى على زين قبل ما امشى
ولم يمهله محمود فرصة فحين فتحت هالة الباب كان محمود قد خرج بالفعل جلس يوسف على كرسيه فى وقاره المعتاد بينما دخلت ايلينا فى خطواتها المتمهلة الواثقة حين رفع يوسف نظره اليها لتلتقى عيناهما للمرة الاولى نظر لها يوسف فى تمعن من اخمص قدمها الى رأسها ليلفت نظره زيها الراقى المحتشم وتناسق الالوان الواضح ابتسمت فى روتينيه قطعت تأمله السلام عليكم
واشار الى الكرسى قائلا اتفضلى اقعدى جلست ايلينا فشبك يوسف اصابعه واستند بمرفقيه على المكتب قائلا نتشرف بالاسم
ردت ايلينا ايلينا سمير خمسة وعشرين سنة
هز يوسف رأسه قائلا طيب انسة ولا مدام وقطب حاجبيه فى محاولة لتذكر الاسم الصعب على ذهنه فتنهدت ايلينا قائلة انسة يافندم واسمى ايلينا
وضعت ايلينا الملف الذى كان بيدها امامه فى هدوء قائلة ده جزء من شغلى قبل كدة اخذ يوسف الملف وتراجع على كرسيه وهو يتفحصه جيدا ليدرك انها ليست هاوية ابدا بل محترفة الازياء طرازها غريب وجديد وربما هذا ما كان يريده بالضبط قال دون ان يرفع عينه عن الورق انتى بتصممى لبس لمحجبات وبس
قال يوسف بابتسامة شغلك كويس جدا افكارك جديدة واحنا محتاجين لده واضاف وهو يميل الى الامام قليلا هتشتغلى معانا تحت الاختبار شهر وبعدين نقرر هتكملى ولا لا
واضاف وهو ينهض ايذانا بانتهاء المقابلة اما بالنسبة للمرتب والماديات ونظام الشغل ومواعيده فده كله عند هالة برة هتفهمك كل حاجة ومد يوسف يده ليصافحها حين نهضت بدورها قائلة فرصة سعيدة انسة
تنحنح يوسف فى احراج وهو يعيد كفه الى جيب سترته ويهز رأسه في تفهم قائلا طيب تقدرى تتفضلى
خفضت ايلينا رأسها كتحية والتقطت ملفها لتخرج بينما عينا يوسف البنيتان تتابعها بابتسامة لا يعرف لها معنا
مر محمود قبل رحيله على مكتب زين وجده مشغولا بدراسة احدى المناقصات التي ستدخلها المجموعة فلم ينتبه لظهوره تنحنح محمود ليعلن عن وجوده فنهض زين مسرعا في احترام ليرحب بأبيه ويقبل يده ابتسم محمود وزين يعرض عليه ان يجلس على رأس المكتب مكانه فرفض باشارة من كفه وجلس على مقعد أخر قائلا اقعد انت راخر وبلاش أدبك الزايد ده
مسح محمود وجهه بكفه في ملل قائلا وبعدهالك يا زين مالها دي كمان البنت شاطرة جدا في شغلها ومعملتش غلطة واحدة اوعي تقولي لبسها !!
قاطعه محمود في تذمر قائلا انت مفيش واحدة بتعجبك أبدا كل ما تيجي واحدة تقولي لبسها وطريقتها احنا هنلبس الناس على مزاجنا يا زين مهياش عايزة تتحجب هيا حرة مش هنقطع عيشها
قطب زين حاجبيه في عدم رضا قائلا يا بابا مش موضوع حجاب
استند محمود بمرفقيه على المكتب وهمس له في غيظ ما تحبكهاش يا زين ما تحبكهاش يا حبيبى انت حتى أختك مش عاجبك لبسها وعاوزها تتحجب
وغمز بعينه قائلا لما تبقى تتجوز ابقا اعمل ما بدالك في مراتك ان شالله حتى تنقبها
ابتسم زين وهو يشيح بوجهه فلا فائدة ترجى من محاولة اقناع أبيه بوجهة نظره مطلقا دق محمود على المكتب ليلفت نظر ولده وهو يقول مش ان الاوان بقى عاوزين نفرح بيك يلا بما اننا خلاص فقدنا الأمل في اخوك نفرح امك بيك انت
ابتسم زين في تندر وقال ايه يا حاج لقتلي عروسة
بسط محمود كفيه قائلا هو فيه احلى ولا أجمل من سمر بنت عمك
لم يأخذ زين الحديث على محمل الجدية فهو على تمام الثقة أن الجميع يعلم أن سمر مثل ايتن تماما بالنسبة اليه مجرد شقيقة صغرى وبعدين بقا يا حاج ما انت كلكو عارفين انها أختي
حدق به محمود للحظات في حنق حتى اڼفجر به قائلا خوتة لما تبقى تخوتك انت كمان أختك منين ان شاء الله
نهض زين من مقعده واتجه الى أبيه يربت على كتفه قائلا في محاولة لترضيته ايه بس يا حاج مالك انا وسمر اتربينا مع بعض زي الاخوات فعلا ما تكبروش الموضوع في دماغ البنت
ازاح محمود كف ولده في عڼف وهو يقول اوعي يا واد انت انا هقوم امشي
ونهض ليغادر بالفعل بين ابتسامات زين من طريقته ابتسامات لم يجعله محمود يهنأ بها وهو يلتفت له قائلا في حنق وحياة سميرة أمك السكرتيرة اللي برة دي ما هتتحرك من مكانها
تلاشت ابتسامة زين وهو يعلم جدية أبيه حتى لو كانت الجملة تبدو كمزحة وقبل أن يفتح محمود الباب الټفت له مرة أخيرة قائلا وهو يشير باصبعه يمينا ويسارا في سرعة خليها بقا رايحة جاية قدامك كدهو لحد ما تقول حق برقبتي عايزة اتجوز
كانت ايتن تعبث بهاتفها حين دخلت امها الى غرفتها بشكل مفاجىء وهي تهز رأسها فى تأفف رفعت ايتن نظرها اليها قائلة ماما خير فيه ايه
اقتربت سميرة والتقطت الهاتف من يدها قائلة عاوزة اتكلم معاكى شوية
مررت ايتن يدها فى شعرها قائلة في ملل فى ايه
قالت امها فى ترقب فى الموضوع اللى اتفتح الصبح
رفعت ايتن حاجبيها فى استنكار وقالت موضوع ايه هوا بقا موضوع خلاص
تنهدت سميرة قائلة انا مش عارفة ايه اللى مش عاجبك فى حسام
نهضت ايتن وقالت فى غيظ مشوب بانكار قصدك تقولى ايه اللى ممكن يعجبنى فى حسام
نهضت سميرة وقالت لابنتها فى تحذير اتكلمى بأدب عن ابن عمك يا بنت
ابتسمت ايتن فى سخرية وقالت وهي تكتف ذراعيها ابن عمى وبس على عينى وراسى مش هتكلم انما اكتر من كدة لا هقول وهقول كتير كمان واشارت بسبابتها الى صدرها قائلة انا اتجوز حسام طب ازاى ايه اللى ممكن يشدنى فيه من اصله قصير كدة ومكعبر ومش بيعرف يلبس ولا يتشيك زى باقى الناس بحسه بيلبس لبس واحد عنده تسعين سنة عنده ايه يتحب اصلا
اشاحت سميرة بوجهها للحظات حتى تكتم غيظها من سطحية تفكير ابنتها وعجرفتها الفارغة لتلتفت لها من جديد قائلة بأقصى قدر ممكن من ضبط النفس عنده قلب من دهب مش عند حد بېخاف عليكى من الهوا الطاير بس اقول ايه واحدة تافهة زيك بتاخد بالمظاهر هتقدر ازاى واحد زيه انتى عايزالك واحد من الخنافس اللى ماشين فى الشارع يضحك على عقلك بكلمتين وبعد الجواز يصبحك ويمسيكى بعلقة
زفرت ايتن وقالت فى ضيق وحدة واضحة هيا الدنيا كلها مفيهاش غير حسام ريحى نفسك يا ماما لو اخر حد فى الدنيا مش ممكن اتجوزه
صوتك عالى ليه صوته الصارم جعلها تنتفض على الفور لتلتفت تجد يوسف يعقد حاجبيه وهو يقترب منها قلت قبل كدة محدش صوته يعلى فى وجود ماما
واضاف فى نبرة غاضبة فاهمة ولا افهمك بطريقة تانية
امسكت سميرة بذراع ولدها قبل ان يقترب من شقيقته أكثر فهى تعرف نوبات غضبه جيدا وتخشى أن يمس ابنتها احداها هي تعرف أنها خطه الأحمر الذي يرفض مجرد الاقتراب منه قالت في قلق خلاص يا يوسف مكنش قصدها
ابتسم يوسف لسميرة لينفي ما تفكر فيه وتخشاه بينما الټفت الى ايتن وهو يعيد الى ملامحه الصرامة من جديد قائلا سيبها يا ماما حسام ده الف واحدة بتفهم تتمناه لكن دى واحدة تافهة بتاخد بالمظاهر وبس اخفضت ايتن نظرها في خجل بينما ربتت سميرة على كتفه قائلة حبيبى شكلك تعبان روح ريح انت
فرك يوسف عينيه قائلا فعلا كان يوم طويل اوى
تذكرت سميرة ان هذا اليوم هو يوم لقائه مع ايلينا فحاولت ان تتحايل عليه لتعرف اى شىء ولو من بعيد لتقول فى تلعثم وحذر ماهو العادى يا يوسف ولا فيه حاجة جدت
وقبل ان يهم بالخروج نادته ايتن ابيه يوسف
الټفت لها
فقالت وهى تفرك يديها فى
خجل متزعلش منى انا اسفة
اتسعت حدقتى يوسف وقال فى استنكار اعتذارك ده امك اولى بيه ولو رفعتى صوتك عليها تانى مش هقولك هعمل ايه ده آخر تحذير
امسكت ايتن بكف امها وقبلته قائلة فى طفولة مامى حبيتى مش بتزعل منى ابدا
ابتسمت سميرة وهى تمسح على شعرها فرفع يوسف حاجبيه وخفضهما قائلا بقا كدة ماشى اطلع انا منها بقا
وكرر تحيته على امه قبل ان يغلق الباب ويذهب لتتعلق عينا سميرة بالباب خلفه تذكرت ذهابها لرؤية ايلينا بالامس مع محمود زوجها وان كان انبهار محمود بها بعد ذلك لايساوى عشر انبهارها بها لا يمكن بالفعل ان تقارن بأى عروس اخرى اقترحتها على ولدها من قبل بساطتها تدينها حنانها على اخيها كل شىء فيها ادهشها عن حق وجعلها تبتهل لله ان تكون هى الزوجة الصالحة لولدها بل تمنت منها نسخة اخرى منها لولدها زين اخبرت محمود انها توافقه على خطته وستدعمه فيها بكل قوتها فهى لن تتنازل على ان تكون ايلينا زوجه لابنها
كان سمير فى غرفته يكتم تأوهاته فمنذ ان عاد الى وطنه والألم يزداد قلبه المړيض لم يعد يحتمل المكابرة وهو يجبره على أن يواصل دون ادنى اعتبار لحالته
تمدد على فراشه بعد ان اخذ قرصا من دوائه واخذ يلهث فى تعب طرق باب غرفته ليدخل على وهو يتحسس الطريق امامه فاعتدل محمود فى فراشه وحاول ان يوازن صوته قائلا فيه حاجة يا على
وصل على الى حافة الفراش وجلس عليه قائلا انا اللى جاى اسألك السؤال ده يا بابا فيه حاجة
اغمض سمير عينيه في محاولة لكتم المه وقال قصدك ايه
الټفت على بوجهه وتحسس الفراش حتى وصل الى كف ابيه فقبض عليها قائلا ليه بتخبى عننا انا حاسس بيك بتتأوه طول الوقت
حدق سمير فى ولده للحظات هذا الفتى يفاجئه دوما لديه قدرات تفوق المبصرين الأعمى هو من يظن بهذا الطفل العمى تنهد وهو يضغط على كف ولده قائلا معقول يا بابا لسة بتستغرب
انا صحيح اعمى بس ربنا ادانى نعمة وحاسة