الشيطان بقلم سماح سيد
الشيطان بقلم سماح سيد
ما اسعفه لسانه به
ويارب يخليك يا بيه ويخلي ليك الهانم ست البنات وتتجوزوا قريب وتعيشوا حياتكوا كلها في سعادة وهنا طول العمر
وكأن الحظ هو من أرسل هذا الفتى لماجد في هذا الوقت لدعمه أو لنقل أنه استخدم ذكائه الذي نجح في إختيار اسلوب من أساليب دس السم بالعسل
أن شاء الله هنتجوز قريب يا صلاح وهبقى أدعيك على فرحنا كمان
صلاح وربت على صدره بأمتنان
دا انا يحصلي الشرف يا بيه ربنا يبارك لكم ويتم ليكم على خير
ثم أنصرف صلاح مبتعدا لمتابعة مصدر رزقه ورزق عائلته وترك الشيطان ليعظ ضحيته بلسان يقطر نصحا وأرشادا بعد أن انطلت حيلته على سدرة فقد نظرت له بحب
شكله غلبان قوي شايف منظر هدومه ولا شكله مرهق على الأخر
دا بيجري على عيلته أمه وأبوه وأخواته أصل أبوه عيان وبيحتاج علاج غالي وأخواته في المدارس ومش ملاحق على
مصاريفهم
________________________________________
انا باجي هنا كل فترة واللي يقدرني عليه ربنا بديهوله
ابتسمت سدرة وربتت على يده بحنو
ربنا يبارك لك ويقدرك ديما على فعل الخير
ويبارك ليا فيك يا حبيبتي
ثم رفع يده وأشار لها حتى ترتشف مشروبها
افتحي الكانز وأشربي عشان نكمل كلامنا
أمسكت سدرة العبوة بيدها وسحبت صمام أمانها برفق وشرعت في تذوق محتواها بروية وبطئ وذهبت عيناها تلقائيا لصفحة النهر الخالد وشردت به تفكر وتوازن كلام ماجد بعقلها فما كان من نفسها الأمارة بالسوء الإ أن زينت لها قوله وبررت ذلك أن هناك الآلاف من الناس يفعلون ذلك يوميا دون أن يمسهم أذى وظلت تزين طريق الشيطان وترسم لها احلاما وردية ونجحت في أخماد صوت ضميرها الذي يذكرها بالحلال والحرام وأخذتها في طريق الغواية والبعد عن الله
عارفة يا حبيبتي وعد عليا لو ربنا كرمنا انا وأنت وحققنا مكاسب وأتجوزنا أول حاجة هعملها بعدها على طول هفتح لصلاح مشروع يأمن له دخل ثابت يكفيه هو وعيلته ومش بس صلاح اي حد نقابله يحتاج مساعدة هنساعده كمان
أبتسمت سدرة له وسألته بعفوية سؤالا كاد يكشف خبثه
أضطربت تعابير ماجد للحظات وهز لها رأسه بقوة
هه طبعا يا حبيبتي دا انا سمعت من شيخ بيقول أن الصدقة بتطفئ ڠضب الرب وأحنا مش هنعمل غلط كبير كل الحكاية هناخد فلوس من ناس متستحقهاش وناخد منها جزء وندي الغلابة والمساكين جزء وبعدين دا هيكون وضع مؤقت لغاية ما نعمل خميرة كويسة تسندنا وبعد كدا فكك من كل الحوار ده
وقف هارون في غرفة ملابسه يعد نفسه من أجل الحفل الذي يقيمه احتفالا بانتهاء أحد مشاريعه الكبرى والذي بدأ في تنفيذه منذ ثلاثة أعوام أرتدى حلته السوداء والتي تحمل ماركة أحد دور الأزياء العالمية ثم عدل من وضعها على قده الممشوق وكذلك سحب أكمام قميصه الأبيض ونظر لنفسه في المرأة نظرة رضا عن هيئته أمسك زجاجة عطره جادور ونثر رذاذها ذو الرائحة النفاذة والقوية عليه ثم وضعها مكانها على طاولة الزينة وأنسحب لخارج غرفته ينادي على مدبرة منزله بصوت يكاد يكون مرتفع
حكمت يا حكمت
ظهرت له حكمت فجأة من خلفه وكأنها خرجت من خلف حجاب شفاف فقد صدقت سدرة حينما ظنت أنها جاءت من عالم آخر أومأت له بتأدب
تحت أمرك يا هارون بيه
تفاجئ هارون بصوتها يأتي من خلفه فأستدار ناحيته بعدما أرتفع وجيب قلبه من مفاجأتها
كنت فين وجايه منين انا مشفتكيش وانا طالع من جناحي
أحنت رأسها تنظر أرضا بتأدب وهى تبرر له
كنت في التراس بتاع الدور ده بتمم على شغل الكهربائي
أومأ لها بتفهم ثم سألها
تمام كل مستلزمات الحفلة خلصت
هزت رأسها برفق
كله خلص وجاهز على بداية الحفلة يا فندم
أشار لها هارون بوعيد
مش عايز أي تهاون أو تقصير الحفلة هيحضرها شخصيات مهمة في البلد وأي حاجة فيها تقصير مش هسامح فيها أبدا فاهمة
أومأت له بتأدب وخنوع
فاهمة يا فندم
رفع عينيه ينظر لغرفة مقابلة لجناحه الخاص
الهانم جهزت!
نظرت حكمت هى الأخرة ناحية غرفة سدرة ورفعت كتفيها ثم انزلتهما بجهل
انا أديتها البوكس اللي حضرتك اديته ليا أمبارح وبلغتها كلامك بأنها تلبس الفستان اللي فيه وتجهز نفسها النهارده للحفلة لكن هى لسه مخرجتش من أوضتها
رفع هارون يده اليسرى ونظر في ساعة يده ثم رجع ينظر لحكمت بعدا أن أنزل يده
مبقاش غير نص ساعة والضيوف توصل ياريت تستعجليها بالنزول
وما أن أنتهى هارون من حديثه حتى فتحت سدرة باب غرفتها وخرجت مرتديه الفستان الذي أحضره لها بلونه النبيذي مع
حجابه الذي بنفس لونه وتحدثت له وهى تحني رأسها ارضا
انا جاهزة يا باشمهندس
نظر لها هارون نظرة ڼارية تفقديه وعندما تأكد من أكتمال حشمتها ورضاه عن مظهرها أولاها ظهره وخطى ناحية الدرج يأمرها بتتبعه
يلا ورايا وأنت يا حكمت أنزلي اتأكدي مرة تانية أن كل حاجة تمام
نزلت حكمت خلفه هو وسدرة
حاضر يا هارون باشا
خرج هارون لحديقة منزله حيث سيقام الحفل وجلس على أحدى الطاولات يشعل سېجاره الكوبية وينفث دخانها پغضب وعندما وجد سدرة مازالت تقف بجوار الطاولة أشار لها بحدة
مبتقعديش ليه عايزاني احيلك عشان تقعدي ولا مستنية الأذن
لمعت عين سدرة بحزن وجلست بالمقعد المجاور له وداخلها رهبة قوية منه فمازالت
تخافه وتخشاه
________________________________________
بعد ما فعله بها أخر مرة
رفع هارون يده محذرا إياها بشدة
لو ما ألتزمتيش بكل أوامري أنت عارفة عقابك هيكون أيه أحنا قدام الناس زوجين زي اي أتنين متجوزين غير كدا متلوميش غير نفسك انا لولا وصية عمي كان زمانك مشرفة في السچن فاهمة
أومأت سدرة له بخنوع وحزن وهى تتجرع ريقها بصعوبة فلولا عفوه عنها لأصبحت الأن من أرباب السجون
فاهمة يا هارون بيه ومش محتاجة أنك تفكرني في كل مناسبة انا خلاص سلمت أمري لله ورضيت بعقابه ليا لأني استحقه ومتخفش انا لا يمكن أعمل حاجة تثير غضبك عليا
ضړب هارون سطح الطاولة أمامه بقوة وهو ېصرخ بها بقوة لدرجة جعلت رجال حراسته المنتشرين في أطراف الحديقة ينظرون ناحيتهما
انا مش خاېف ومتخلقش لسه اللي يخلي هارون البنا ېخاف فاهمة كلامي ليك للتحذير وبس
ارتج جسد سدرة برعشة خوف من غضبه فمازالت أثار صڤعته الأخيرة والوحيدة تثير الړعب في داخلها فيومها ذاقت طعم دمائها لأول مرة نتيجة لچرح شفتها السفلى بسبب قوة يده التي حفرت انفاقا من الألم على وجنتها وفي قلبها ولولا تذكره لوصية عمه المتوفى وتمالكه لنفسه لكان كررها مررا حتى أرداها قتيلة بين يديه أرتفع صدرها وهبط بشهقات مټألمة وهى تتلعثم بكلمات متقطعة
ا ا ا انا آسفة يا يا يا ه ه ه هارون بيه مقصدش
نهض هارون من مكانه وأبتعد عنها حتى لا يثير أعصابه فقربها منه يزيد من غضبه حتى من دون أن تفعل شيء ولولا ألتزامها بكل ما يأمرها به لكانت الأن فى عداد المۏتى فهو لا يتمنى شيء منها سوا مخالفة أمر واحد له ولن يبالي لوصية عمه وسيقتلها بدم بارد اڼتقاما منها على ما جعلته يعانيه ويكابده نظر ناحيتها بضيق وأشار لها
وقفي دموع التماسيح دي وأمسحيهم بدل ما اجي أمسحهم بنفسي
أومأت سدرة برفق وأمسكت منشفة ورقية بيدها ووضعتها تحت جفنيها السفليان برفق حتى تجفف عبراتها المنسابة بغزارة كي لا تخرب زينة وجهها وحاولت التماسك حتى لا تبك مجددا ويجعلها زوجها تبك دما بدلا للدموع بدأ توافد المدعويين تباعا ووقفت سدرة مهتزة بعض الشيء بجوار هارون يستقبلاهم بابتسامة محبة وكأنهما زوجان طبيعيان حتى امتلاءت الحديقة عن أخرها وكان هناك جمع من الصحافيين الذين تسابقوا على توثيق لحظات الحفل بمئات من الصور والأخبار التي جمعوها من الحاضرين وفي منتصف الوقت دعا منسق الحفل الرجال وزوجاتهم من أجل مشاركة بعضهم الرقص على أنغام موسيقى كلاسيكية هادئة وأشار لسيد وسيدة الحفل كي يفتتحان الرقص أمسك هارون يد سدرة بقوة وأتجه للمكان المخصص ووقف في مقابلها يضمها لصدره يراقصها برفق حاول هارون أن يتماسك ولا ينظر لعينيها الماكرة فكلما نظر بداخلها ود لو أحرقها كما أحرقت قلبه يوم أن تزوجت بعمه فهو الراهب الذي أغلق قلبه على نفسه وحماه من الوقوع في براثن الحب وكرس أجمل سنوات عمره وشبابه للعمل فكل ما كان يشغل باله هو الارتقاء بمجموعة شركات عائلته حتى جعلها من أكبر المجموعات في الشرق الأوسط برفقة عمه الذي عزف عن الزواج وتفرغ للعمل وتربية أبن شقيقه الكبير الذي توفى وتركه أمانة لديه ثم جاءت سدرة بهيئتها البريئة وملامحها الملائكية الخجولة للعمل لديهم فزلزلت عرشه وأوقعت بقلبه اسيرا في محراب هواها وظلت تتلاعب على أوتاره حتى جعلته ملكا لها وطوع يديها وبادلته النظرات العاشقة والكلمات المحبة حتى تيقن من حبها له لكنه أكتشف في نهاية الأمر أن ذلك الحب ما هو الإ