الجزء الثاني رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن
الجزء الثاني رواية جديدة بقلم دعاء عبد الرحمن
نهض واقفا وعلى شفتيه ابتسامة عذبة مرحة وهو يكاد يلتهمها بعينيه ونظراته المشتاقة خطت فى اتجاهه ومدت يدها تصافحه فتناول كلتا يديها ورفعها لشفتيه وقبلها بشوق ثم وضعها على وجنتيه وهو يقول
وحشتينى جدااا يا حبيبتى
تأملت وجهه وهى تقول بحب
وانت كمان
فرت دمعة من عينيها بدون شعور فمد يده ومسحهما وداعب وجنتيها وهو ينظر إلى عينيها التى تحمل الشوق المختلط بالحزن وقال
أبتسمت بأسى وقالت
حمد لله على سلامتك .. وأوعى تقولى انهم كلفوك بشغل فى حتة تانيهة زى كل مرة
أبتسم وألتفت إلى الأريكة وتناول من فوقها شنطة من الورق الملون المقوى وأخرج منها علبة مستطيلة الشكل صغيرة من القطيفة الحمراء وقدمها لها قائلا
أخذتها عزة بلهفة وفضتها أمامه واتسعت عينيها وهى تنظر إلى الهدية ثم تنظر إليه
وقالت بسعادة
الله .. برفان !
وضعت منه قليلا على يدها وقربتها من أنفها واستنشقتها بنشوى وهى تقول
الله دى جميلة أوى يا عمرو ..متشكرة أوى يا حبيبى
أمسك عمرو كفها واستنشقه وهو يغمض عينيه استمتاعا برائحته ثم نظر لها وقال بشوق
طرقت والدتها الباب ودخلت تحمل صينية الشاى أخذها عمرو من يدها ووضعها على الطاولة أمامه فقالت
ايه الريحة الحلوه دى
قالت عزة بسعادة
شوفتى يا ماما عمرو جابلى أيه
قالت والدتها وهى تنظر إليهما
يعيش ويجبلك يابنتى ..
ثم نظرت لعمرو وقالت
عمك بيقول انك هتروح تشوف المحل اللى هتجيب منه العفش النهاردة يا عمرو
النهاردة ان شاء الله هروح اشوفه ولو الأمور مشيت فى موضوع القسط ده هاخدكوا بكره ان شاء الله ونروح نتفرج وعزة تنقى اللى هى عايزاه
ثم قال موجها كلامه لوالدة عزة
انا عارف انى طولت عليكم فى موضوع الفرح .. محدش بيكتب كتابه كل ده .. بس خلاص هانت .. أحنا نخلص موضوع العفش فى أسبوع إن شاء الله وبعدين نحدد معاد للفرح
فارس قالى أنه احتمال كبير يدخل على أول الشهر بعد ما يناقش الرسالة على طول وممكن نعمل فرحنا مع بعض
لا يعلم عمرو لماذا كان يبحث عن علامة من علامات الحزن أو الأسى فى ملامحها وعينيها وهو يلقى هذا الخبر ولكنه لم يجد إلا السعادة والفرحة التى اجتاحت ملامح عزة وهى تستمع إلى بشرياته واحدة تلو الأخرى وهتفت قائلة
ثم عانقت والدتها واحتضنتها بسعادة قطع تصرف عزة هذا وسعادتها الكبيرة بما تسمع الشك باليقين فى قلب عمرو تجاه مشاعر عزة نحو صديقه وقال بمرح
مش هتغدونا بقى ولا أيه يا جماعة.. أنا واقع من الجوع
تعال اقعد يا فارس
نطق الدكتور حمدى بهذه العبارة وهو يشير إليه بالجلوس وقد بدا عليه الأهتمام الشديد وهو يعتدل فى جلسته ويستند إلى المكتب بمرفقيه ويشبك أصابع كفيه فى بعضهما البعض كانت طريقته توحى بأنه يستعد لإلقاء حديثا هاما مما جعل فارس يشحذ حواسه كلها وهو ينظر إليه متسائلا وهو يقول
خير يا دكتور.. قضية مهمة مش كده
أبتسم الدكتور حمدى وهو يهز رأسه موافقا وقال
أهم قضية فى حياتك
طلت النظرات المتسائلة من عينيى فارس ولكنه لم يعقب وترك المجال للدكتور حمدى ليشرح بنفسه فقال
فاكر يا فارس لما قلتلك انى بحضرك لحاجة مهمة أوى
هز فارس رأسه وهو يقول
أيوا فاكر يا دكتور
أردف الدكتور حمدى متابعا
شوف يا فارس أنا عاوز تسمعنى كويس وتفهمنى ...
أستدار فارس بجسده كله تجاهه وهو ينصت باهتمام وتركيز حيث قال الدكتور حمدى
أنا نويت أسيب المكتب واتفرغ شوية لبيتى ومراتى وولادى .. وبينى وبينك زهقت من الفساد اللى بقى متفشى حوالينا فى المهنة دى زى السړطان .. زمان كنت صغير وكنت بناطح وبحارب.. دلوقتى صحتى خلاص مبقتش تستحمل
قاطعه فارس وهو يقول بضيق
لا يا دكتور أنا مش معاك فى القرار ده.. لو سيبنا الساحة للمفسدين يبقى كأننا بنساعدهم بالظبط
قاطعه الدكتور حمدى باشارة من يده وقال
أنت كلامك صح وده اللى انا فكرت فيه.. ده غير انى مهما كان مهنش عليا أرمى أسمى وتاريخى الطويل ورا ضهرى بسهولة كده واقفل المكتب .. ولما فكرت كويس ربنا هدانى لفكرة دخلت دماغى أوى وشايفها حل وسط هيريحنى وفى نفس الوقت هتبقى دى بدايتك الحقيقية
جالت بخاطرة أفكار كثيرة متشعبة ومتشابكة كأشجار الغابات فبداية الحديث غير مبشرة بالمرة ولكن نهايته لغز كبير قرأ حمدى الحيرة فى عينيه فقال بحسم
أنت يا فارس اللى هتمسك المكتب كله بدالى .. ومكتبى ده هيبقى بتاعك والقضايا اللى هتشتغلها هتتوزع على تلاتة تلت ليا وتلت ليك وتلت للمكتب مرتبات ومصاريف
أتسعت عينى فارس من وقع المفاجأة ونهض بغير أرادة منه واقفا وهو يقول بذهول
مش معقول ..انا مش مصدق يا دكتور
وأشار إلى صدره وقد ازدادت قوة نظراته المتسلطة على الدكتور حمدى وهو يقول بعدم تصديق
انا !!
أومأ الدكتور حمدى برأسه وقال مؤكدا
ايوا يا فارس ..وبعدين مالك مستأل بنفسك كده ليه ..ده انت اقل من شهر وتاخد الدكتوراة
المفاجأة كانت كبيرة جدا على فارس فلم يكن ليصدق ما يسمع هل سيدير المكتب ويجلس خلف مكتب الدكتور حمدى ليأخذ مكانه ويشاركه نسبة الثلث فى أتعاب كل قضية !!
هز رأسه يمنة ويسرة وهو يحاول استيعاب الموقف جيدا ولكن الدكتور حمدى أعاد كلامه مرة اخرى وهو يؤكد له ما فهمه منه وأخبره أنه سينتظره حتى يعود من أجازة زواجة ليبدء مهام عمله الجديد بداخل مكتب الدكتور حمدى شخصيا .
أندفعت دنيا معانقة ل فارس وهى تهتف بأنفعال
بجد يا فارس أنا مش مصدقة .. يعنى المكتب ده كله هيبقى بتاعنا
عانقها بحب وقال ضاحكا
ده انت مفرحتيش كده يوم كتب كتابنا ولا حتى يوم الماجيستير
ضحكت وهى تبتعد عنه بنعومة وعينيها تكاد تنطق بالبهجة والسعادة وقالت وكانها لم تسمعه
طبعا التلت ده هيبقى أكتر من مرتبك دلوقتى بمراحل يعنى هنجيب شقة فى حتة حلوه.. ونفرشها بمزاج ونجيب عربية
وصفقت بيديها وهى تقول
وبعد شوية نحط أسامينا على
اليافطة جنب اسم الدكتور
كان فارس ينظر إليها بتمعن وهى تتحدث عن المستقبل بكل تلك السعادة وتسرح بخيالها الممتد للآفاق الشاسع وهى تنظر إليه ولكنها فى خضم تلك السعادة نسيته تماما ولم تتحدث إلا فى الماديات فقط ولم تحلم إلا بها وحدها أنتزعها من أحلامها وهو يقول
أنا مش هسيب أمى لوحدها فى البيت يا دنيا.. ومش هاخد شقة فى حتة تانية إلا لما هى توافق وترحب بكده وتوافق أنها تسيب بيتها وتيجى معانا
توقفت دنيا عن الدوران فى سماء أحلامها وطوت جناحى الأمانى لتعود إلى الأرض مرة أخرى فى هبوط اضطرارى وقطبت جبينها وهى تقول بحنق
يعنى أيه الكلام ده ..عاوز تفضل عايش فى الحارة
أختلطت ابتسامته بقسمات حزن وهو يقول متهكما
أنا مش عارف انت ليه مصممة أنها حارة ..ما علينا حارة ولا مدق حتى مهما اختلفت المسميات مش هسيب أمى لوحدها
وأخذ نفسا عميقا